كان بشار طفلاً طويل القامة أزرق العينين،
ذا قامة طويلة..
ورقبة طويلة أيضاً..
وكان يلدغ بحرف السين.
مما سببت له هذه اللثغة مشكلة في حياته، فقد كان أصدقاؤه وكل من حوله حتى أقرب الناس
إليه يسخرون من قامته الطويلة ومن لثغة لسانه..
سمع أن في بلاد بعيدة تسمى بلاد الواق الواق، فيها شيخ كبير ذو عمامة كبيرة، ولحية عظيمة،
وعينين حادتين ماكرتين كعيني الثعلب، عنده علاج هذه اللثغة.
طلب بشار من والده أن يأخذه إلى هذه البلاد البعيدة كي يصلح من لسانه وحاله..
كان والد بشار يحب هذه البلاد، ولكنه كان خائفاً إذا ذهب مع ولده بشار إلى هذه البلاد ألا يعود مرة أخرى،
لأنه يعرف مكر سكان هذه البلاد..
ولكن بشار قرر أن يفعل المستحيل كي يذهب إلى بلاد الواق الواق، كي يستمد القوة من هذه البلاد،
ويصلح لسانه وحاله.
سمع جار بشار بمشكلة بشار، فجاء إليه ينصحه، ويخبره أن على بشار نفسه إصلاح حاله ولسانه،
وألا يعتمد على المشعوذين والدجالين، ولكن بشار لم يستمع لنصيحة جاره..
اتفق بشار مع هذا الشيخ المعمم أن يأتي إليه ويأخذه معه.
وفي إحدى الليالي وقف الشيخ المعمم على نافذة بشار، وطرق النافذة بشدة مما سبب الرعب
والهلع في قلب بشار..
وعندما رأى بشار الشيخ المعمم فرح كثيراً، وظن أن كل مشاكله ستحل عن طريق هذا الشيخ المعمم..
حمل الشيخ المعمم بشار وطار به بعيداً بعيداً، حتى وصلا إلى بلاد الواق الواق..
تظاهر الشيخ أنه سيقوم بإصلاح لسان بشار وتخليصه من هذه اللثغة، ولكن مقابل بيع بشار الأرض
التي يعيش عليها إلى هذا الشيخ المعمم ..
وافق بشار على بيع الأرض التي يعيش عليها.
ولما صارت الأرض ملكاً لهذا الشيخ المعمم، حمل الشيخ بشار مرة أخرى وطار به وهو يقول له:
- الآن سآخذك إلى مكان ستجد فيه راحتك، وسيتحسن حالك ولسانك..
فرح بشار كثيراً، وطار مع الشيخ المعمم وهو يحلم بأنه صار خطيباً مفوّهاً، يخطب في الناس، والناس
تستمع له دون استهزاء.
وفجأة فتح الشيخ المعمم ذراعيه اللتين كانتا على شكل جناحين كبيرين،
وإذا بشار يهوي ويهوي إلى وادٍ سحيق، والأفاعي والحيات تفتح أفواهها كي تلتهمه بسرعة..
صرخ بشار وصرخ وصرخ بصوت عالٍ فلم يسمعه أحد..
فقد اعتمد على المشعوذين والدجالين في حل مشكلته، ولم يعتمد على نفسه، ولم يستمع لنصيحة جاره،
فوقع فريسة عناده .
